الرموز في الفنون التشكيلية الفلسطينية

في أزمنة الانهيارات الكبرى والهزائم تتعلق الشعوب بقشة محاولة واعتقاد منها بأنها بيت الخلاص ودفعاً قسرياً انفعالياً في استمرارية نبض ووهج الحياة وبالتالي التنكر لواقع مفضوح ورفض هذا الواقع المأزوم والمنكوب والمهزوم والحال هذه عقب هزيمة الانظمة العربية في حرب حزيران 1965م أمست حركة المقاومة الفلسطينية الناهضة والفدائي الفلسطيني
الرمز دلالة نضالية وهوية قومية عربية وجسد بحركته الديناميكية والاستشهادية في لحظة تعبيرية تلك " القشة" الرمز و  المعطى والمرجعية الكفاحية في رفض الواقع الرسمي العربي المهزوم.
تنوعت المصادر الابداعية باختلاف الوسائط التعبيرية في السياسة و الادب والفنون الجميلة من مسرح وموسيقى وسينما و أغاني ورقص وتشكيل ممجد ذلك الفدائي الفلسطيني " الرمز" في كل مفاصل الحياة العربية اليومية ولعب الفن التشكيلي العربي الفلسطيني على قدم المساواة في التعبير عن هذه الحالة الكفاحية الاستثنائية في حركة النضال القومي العربي المعاصر فكانت الاعمال الفنيةالتشكيلية تنطق في أسلوبيتها ومعالجتها التقنية لزخم الموضوعات والتجليات الابتكارية للفنانين والحدسية التفاعلية مع الرؤى و التوصيفات المشهدية البصرية المجازي والمعبرة عن  الطاقة الانسانية الخلاقة "الفدائي" المندفعة نحو الارض والوطن مؤمنة بالاهداف التي رسمتها قوافل الشهداء الاولى في رحلة التحرير والعودة ومعركة الوجود ورصد للواقع ومجموع الاماني والاحلام المتفاعلة مع ذكريات "المخيم" وأماكن اللجوء متعددة الاسماء والاماكن حيث ولد الفدائي "الرمز" في أحشاء البؤس والتشرد والقهر الانساني والمعاناة حاملاً معه أوجاعه وآمال شعبة وأمته والامة عنواناً لقضية عادلة وتكريساً فاعلاً لهوية نضالية تحتل فلسطين فيها موقع القلب المدمى للأمة العربية وكانت مادة حية حافلة بالمواضيع الاستلهامية ودفق الحياة وصخب قنوات التعبير الفني التشكيلي الخطي واللوني المتفاعلة مع الاحاسيس الانسانية الصادقة مع توليفات ومفردات تشكيلية تحدد مقولة فنان تشكيلي فلسطيني ومدى تواصله مع دوره النضالي وقضيته شكلانياً وتعبيرياً وتقنياً وتوصيفياً مشهدياً وفاء لدماء الشهداء وهم يعتمرون كوفياتهم المزركشة تلثم تفاصيل الوجوه وعيون يقظة متفائلة بالعودة وغناء معزوفة التحرير منارات مضيئة على الطريق يتمنطقون ثيابهم "الخاكية أو المرقطة الملونة" من كل الفئات العمرية فتية شباباً رجالاً كهولاً ونساء قوافل عابرة الى فلسطين جسوراً أزلية لا تنتهي في حدود الجراح والاعتقال والداء والشهداء هذا الفدائي سواء أكان ذكراً أم أنثى احتل مساحة من الوجدان العربي وأضاء الذاكة الثقافية والنضالية والبصرية كأفراد وكشعوب ولنا في كل المواقع النضالية مآثر جميلة وبيارق وت1ذكارات وشواهد ولا سيما بعد هزيمة حزيران 1967 حيث غدا الفدائي " الرمز" النموذج الامثل للتضحية وتعبيراً عن نضال الامة العربية مجتمعة ومساراً واضحاً للصمود والتحدي وشرطاً موضوعياً ملازماً لمقولة " إزالة آثار العدوان" وحافزاً مثيراً لدافعية الشبان للأنخراط في صفوف الثورة الفلسطينية من كل الجنسيات العربية والعالمية والتغني بأفعاله في مواقع البطولة و الاستشهاد ؟
الفدائي "الرمز" الذي احتضنته اللوحة والمنحوته والملصقة الفنية التشكيلية كدلالة معرفية ووجدانية معبرة عن هوية وجودية وكفاحية معتمدة على التكوين الشكلاني في صياغة واقعية للحالة المرصودة أي المواءمة ما بين الشكل والمضمون والمعالجة الاسلوبية والتقنية في تحميل اللحظة التوصيفية أشكالاً تعبيرية تحريضية تثويرية وإدخال الفن التشكيلي في مجالاته الوظيفية في المجتمع وكل أنماط السلوك الاجتماعي والحياة وتنوعت الموضوعات بتلون الحالة الرصدية وتفاعلات الفنان التشكيلي وصدقه التعبيري والفكري والجمالي وقدراته المهنية والتقنية والاكاديمية في توصيل الغاية المنشودة من منتجه الفني وتأثره بالثقافات الفنية التشكيلية السائدة من مدارس واتجاهات موزعة ما بين المدارس "الواقعية التعبيرية الرمزية السوريالية والرومانسية والتجريدية" معتمدة في غالبية الاعمال الفنية في سياقها الابداعي التأليفي على المعايشة اليومية للحالة الانفعالية المتفاعلة مع مجريات الحدث الكفاحي قائمة على النمط البنائي التحفيزي للصورة البصرية المقصودة والتي يتموضع فيها مفردة وهيئة الفدائي "الرمز" كمكون أساسي في مساحات العمل الفني واندماجه الكامل مع بقية العناصر بنائية مساحات ورموز متوازنة الصياغة ومتجانسة مع روحية الفكرة التعبيرية والمنفذة بأساليب وتقنيات عابقة بخصوصية كل فنان بذاته الابداعية المستقلة عن  الاخرين والتي تشكل مع الاخر الابداعي لوحة تكاملية لأهزوجة الفدائي الرمز تصوغها الايدي الماهرة ما بين اللوحة التصويرية الزيتية والمائية والباستيلية أو المنحوته المنفذة التحريضية "الملصق السياسي" باعتبارها أكثر يسراً وتدولاً حيث يستحضر الفنان التشكيلي صورة الفدائي "الرمز " في تعبيرات خطية ولونية وجمالية تفصح عن كينونتها الايدولوجية وتجليات الحالة التواصلية مع هذه الرمز في ضمير وأدوات ومفردات الفانين التشكيليين ومؤثراتها في الشارع العربي المقاوم .
لقد اتخذ الفنانون التشكيليون عموماً من أوضاع الحركية للفدائي بواقعيته التشخيصية في مواقف قتالية متنوعة ومتوازية مع الخلفيات الشكلانيه المناسبة وقصدية الفكرة التأليفية المعبرة وهو يرتدي لباسه القتالي الميداني المدجج بالسلاح كأسلحة فردية معهودة ومدلولات استعداده التام والمعقلن لخوض معركة الفداء والاستشهاد ضد العدو الصهيوني أو رافعاً يده بإشاررة النصر الطقسية أو إظهار للتعبيرات الحسية في ملامح الوجوه الملثمة والعيون المشعة والمشبعة بالتفاؤل والقدرة على التضحية بالنفس والاستشهاد أو إظهار حلات الاشتباك مع قوات العدو الصهيوني في أشكال ملحمية  حيث تغدو التكوينات الفنية التعبيرية والموضوعية تفسح عن المباشرة الشكلية  والواقعية والوصفية لحقيقة  المواقف البصرية والمشهدية والتي تأخذ في بعض الاحوال قسوة الخطوط وصراحة الملونات التناقضية فوق سطوح الخامات محددة لماهية وجوده التوصيف والتقاط ومضات الاندهاش الاولى في عين المتلقي كامتداد طبيعي لجمالية الفكرة والتي تأخذ هيئة الفدائي الرمز بعض المبالغات الشكلية لدى بعض الفنانين لتشكل في مجموع الاعمال الفنية التشكيلية الفلسطينية معزوفة قومية عربية صادحة بكل ملونات الفداء والبقاء و الصمود وأهمية الفدائي المقاوم في مساحة الوجدان وتشكيل الذاكرة البصرية والكفاحية للشعب العربي الفلسطيني المناضل .

تعليقات